فور عرب



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

فور عرب

فور عرب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
فور عرب

فور عرب لكل العرب


    قهوه على الريحه

    شهدود
    شهدود
    مشرف عام


    عدد المساهمات : 215
    نقاط : 638
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 05/10/2009
    العمر : 29

    قهوه على الريحه Empty قهوه على الريحه

    مُساهمة من طرف شهدود الإثنين أكتوبر 05, 2009 12:03 pm

    القاهرة- مقهى شعبي - صيف 1937
    يجلس المعلم "حسونة أبو شادي" على طرف المقهى، وهو يحتسي النارجيلة -بيشد نفس شيشة يعني!- يهز رأسه مستمتعا متمزكا بصوت "أم كلثوم" الذي ينساب من الراديو العتيق ماركة "ماركوني" وهي تغني..
    "رق الحبيب وواعدني يوم وكان له مدة غايب عني.. حرمت عيني الليل من النوم لجل النهار ما يطمني"..
    يردد المعلم "أبو شادي" وكل زبائن المقهى وهم في حالة شجن واضحة وأصيلة "الله يا ست" ثم يعلو صوت المذيع "أحمد سالم" قائلا بعد انتهاء الأغنية "هنا القاهرة".
    بعدها يتخذ "سيد" أفندي وضع لاعبي الطاولة المحترفين مستعدا لملاقاة "أنور" أفندي القادم من بعيد الذي فور أن يجلس على الكرسي المواجه له يبادره قائلا:
    - شفت "النحاس".. وقع على معاهدة 1936
    - يا عم إنت بتتكلم في إيه؟ مش شايف المكتوب في أول الصفحة؟ احنا في سنة 1937!
    - إيه ده؟ يعني احنا خلاص وقّعنا المعاهدة السنة اللي فاتت؟!
    - أيوه يابويا.. إنت كل يوم تقول لي نفس الكلمتين دول.. العب.. العب!
    - بس تفتكر الإنجليز هيمشوا خالص امتى؟.. دبش!
    - مش عارف بصراحة... هم بيقولوا هنتناقش في الموضوع ده بعد عشرين سنة.. حلني بقى.. شيش بيش!
    - بس الحاجة غالية اليومين دول.. تصور.. تصور.. كيلو اللحمة بقى 30 قرش.. استغلال بصراحة! دوبارة!
    - تقول إيه بقى في نفوس التجار الجشعة.. دوسة!
    وعلى طرف المقهى يميل المعلم "أبو شادي" على جاره الشاب الجامعي "عبد الحميد" أفندي ليسأله عن شئونه الخاصة:
    - وناوي تتجوز إمتى يا "عبد الحميد" أفندي
    - والله أنا ممنون لسؤالك يا معلم "أبو شادي".. ربنا يسهل.. على طلعة المحمل كده.. أكون سافرت دمياط وجبت العفش من هناك..
    - لو احتجت أيتها خدمة قول لي.. من قرش لألف قرش إنت عارف رقبتي سدادة
    - تسلم يا معلم عارف والله.. أنا ممنون.. ممنون منك بجد!
    ثم تمر في قلب الشارع وأمام المقهى بالظبط "فزدقة" التي ترتدي ملاءة لف سوداء مطرزة بالترتر الملون بنت المعلمة "حسنات" تاجرة القماش المشهور في الحي، يلمح المعلم "أبو شادي" أحد زبائن المقهى وهو ينظر إليها نظرة مش ولابد فتجري الدماء في عروقه ويقوم في سرعة من كرسيه ويتجه نحو هذا الأخ وهو يمسكه من ياقته قائلا في عنف:
    "بص يا أسطى.. لو عاوز تقعد هنا تقعد باحترامك.. بنات الحارة دول بناتنا.. اللي يبص لهم بصة كده ولا كده نقطعه حتت ونقدمه مع الشاي هدية كمان.. مفهوم ولا مش؟!"
    يتمتم الزبون في رعب:
    "مفهوم مفهوم"
    فيعود المعلم "أبو شادي" إلى جلسته المفضلة ويسحب نفسا من الشيشة قبل أن يقول لصبي المقهى:
    "علّي الراديون يا واد يا "دقدق".. بيقولوا الست هتغني "إنت عمرى" سنة 1964.. أدينا مستنيين!"


    قهوه,ع,الريحه , قهوه ع الريحه

    ****
    القاهرة- مقهى حديث "تقدر تقول كوفي شوب"- صيف 2007
    يجلس "أدهم الشوفاني" على كرسيه المفضل في مدخل المقهى.. أمامه مكتب من خشب الموازييك عليه جهاز كاسيت عصري مزود بـ"سي دي"، وريموت التليفزيون الـ33 بوصة الذي يحتل نصف الحائط المواجه له وفيه تتمايل "مي عز الدين" على صوت وموسيقى "تامر حسني" الذي يغني لها قائلا:
    "وبرضه لسه بتغلطي والله ما هارجع ليك تاني لو.. وقفتي تتنططي"!..

    يهتم بعض الموجودين في المقهى بمتابعة ما يحدث على الشاشة فيما اختار البعض الآخر أن يجلس في ركن المقهى يلعبون الطاولة والكوتشينة ويتسلون بقزقزة "المزة" -لب وسوداني وكده يعني!- والحديث في دنيا الله.. خلق الله..
    - شفت يا مان.. البت "داليا" اتمسكت امبارح مع الواد "أحمد" في المقطم
    - يا شيخ.. دي فضيحة رسمي.. وهو فين دلوقت في السجن ولا إيه؟
    - لأ.. ما الواد "أحمد" (أبج) أمين الشرطة اللي قفشهم "خمسيناية" وظبط المسائل.. بس أنا عرفت الخبر بقى من مصادري الخاصة..
    - بس لما أشوفه بس ده أنا هاشتغله أحلى اشتغالة..
    - وعلى إيه.. طب ما "نورهان" صاحبة "داليا" قاعدة هناك أهي تعال كده نعرف التفاصيل أكتر ونديها كلمتين توصلهم لصاحبتها..
    يقومان من مجلسهما ويتجهان إلى ركن آخر في القهوة -هم أربع أركان خلصنا اتنين منهم كده!- تقابلهم "نورهان" بضحكة قبل أن تقول وهي تنفث دخان الشيشة في وجوههم:
    عارفة.. إنتم جايين ليه.. عشان "داليا" و"أحمد".. ده بٌعدكم لو عرفتم مني معلومة..
    ينخرطون جميعا في الضحك بصوت عال فيما يميل الأستاذ "أنور" مدرس اللغة العريبة على أذن زميله الأستاذ "مدحت" أستاذ اللغة الإنجليزية ليقول له:
    - إيه يا عم العيشة دي.. ده كيلو اللحمة وصل لأربعين جنيه وأنا مرتبي 150 جنيه ومافيش دروس خصوصية عشان لسه متعين جديد.. أعيش منين أنا بقى؟
    - يا سيدي وهو لازم تاكل لحمة على رأي العظيمة "ماري أنطوانيت".. كل جاتوه!
    ثم تمر من أمامهم فتاة ترتدي بنطلونا جينز وقميصا فضفاضا نوعا ما، ينظران إليها في آلية ثم يسمعان صوت أحد الشباب الجالس على الطرف الآخر من المقهى وهو يعاكسها في سخافة:
    قطة يا جدعان.. قطة ولابسة بنطلون جينز!

    لا تقابله الفتاة بأي اهتمام فيما لا يصدر عن "أنور" و "مدحت" أي رد فعل.. ينظر أحدهما إلى الأمام في لا مبالاة فيما يتشمم الآخر الدخان كريه الرائحة الصاعد من شكمانات العربيات وهو يقول:
    إيه ده.. هم بيحطوا بنزين 80 ولا إيه؟!


    قهوه,ع,الريحه , قهوه ع الريحه

    ****
    زي ما إنت شايف..
    من سنة 1937 ومن قبلها كمان ولغاية سنة 2007 ولبعدها كمان بكام سنة
    تظل المقاهي أو القهاوي -زي ما تحب سميها- عنصرا أساسيا في الحياة المصرية اليومية..
    حتى لو رحت القرى والنجوع في بحري وفي الصعيد ممكن ماتلاقيش هناك مية أو كهرباء بس لازم تلاقي قهوة يقعد عليها الناس يتسامروا ويتكلموا في الفاضية والمليانة ويسلوا عن نفسهم بالنميمة أحيانا! وبالكوتشينة والطاولة والشطرنج والفرجة على التليفزيون أحيانا تانية..

    لدرجة إنه في مقولة سائدة بتقول إن المشروع التجاري الذي لا يمكن أن يفشل في مصر هو أن يفتح أحدهم قهوة.. كده كده هيكسب.. لأن كده كده الناس هتيجي عنده..


    بس الأكيد إن قهاوي دلوقت اتغيرت عن زمان..
    في كتير من الحاجات..
    الناس اللي بيقعدوا عليها.. ومستوى ثقافتهم.. والعلاقات الاجتماعية بين البشر وبعضهم البعض.. والسلوكيات اللي بتصدر من الناس اللي قاعدين فيها.. نوعية الأغاني والبرامج والأفلام اللي بيسمعوها وبيتفرجوا عليها.. حتى المشروبات وشكل الكراسي والديكور.. كله ده بيتغير.
    وبما إنك ماقعدتش على القهاوي سنة 1937 فالأكيد إنك قعدت في يوم من الأيام على قهوة أو كوفي شوب من الموجودين دلوقت في كل مكان في مصر..
    ياترى إيه اللي لاحظته في مجتمع القهاوي دلوقت..
    وإيه المزايا والعيوب اللي إنت شايفها في القعدة على القهوة
    يعني.. هل تعتبر السهر في القهوة لوش الصبح كأنه أهم من البيت.. ميزة ولا عيب؟

    ورأيك إيه.. في قعدة الشباب والشابات على الرصيف وكأنهم قاعدين في البلكونة مش مهم مين اللي رايح ومين اللي جاي؟

    ونظرتك إيه.. للبنات اللي بيقعدوا على القهاوي وبيشربوا شيشة؟

    وهل ياترى القهوة دلوقت زي زمان.. مكان لمناقشة كل الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية و"النميمية".. نسبة إلى النميمة يعني.. ولا الأمور اتغيرت؟

    يعني م الآخر..
    القهوة دلوقت بنفس ريحة زمان..
    زي ما عشت أو شفت في أفلام السينما والمسلسلات؟؟
    ولا ريحتها وطعمها وروحها اختلفوا؟

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 5:04 pm